تفشي ظاهرة الكذب (2)
كيفية معالجته والتخلص منه:بعدما اطلعنا على أنواع وأسباب الكذب وعواقب هذه الظاهرة الخطيرة , يجدر بنا أن نقدم ما نراه العلاج الكافي للتصدي لها , ومحاولة قلع جذورها , ولنبدأ بالأسباب .
1/ الأســـــرة:هذا العش السعيد المبارك , الذي جعله الله خلية اجتماعية تضم الأولاد الذين يقتادون عادة بوالديهم في سلوكهم وتصرفاتهم .. فإن كان سلوكهم على النحو المستقيم تأثر الأولاد به وقلدوهم وكان ذلك من عوامل ومعاني الشخصية , لا يأتي هكذا أو وليد الصدف , بل على الوالدين أن يدركا أن للصغار عالمهم الخاص بهم , وعليه يتوجب مراعاته بكل عناية وحرص ووعي , إذا أرادا [ الوالدان] لأولادهم تنشئة سليمة وصحيحة , والمنزل يلعب دورا كبيرا جدا في تكوين أخلاق الطفل منذ نعومة أظافره , لأنه المكان الذي يقضي فيه سنوات من عمره , ثم هو أول مجتمع يتصل به الطفل ويأخذ أحكامه الخلقية منه , وفيه يتعلم مبادئ وطرق التعامل مع الناس , ولذلك يضع علماء الأخلاق وعلماء التربية المنزل في المكان الأول من ناحية تربية الطفل تربية دينية وخلقية سليمة .
*- تجنب العقاب القاسي والمتواصل: كأن يقوم ألآب أو الأم أو كلاهما معا بضرب مبرح كلما بدت لهما الضرورة دون توجيه .
*- عـــــدم المواجهــــــة:على الوالدين الا يتصرفا بطرق عشوائية كأن يقول ألآب لولده :
[ قل الحقيقة وإلا أتيت بأخيك أو أختك لتثبت أنك مخطئ وكاذب ...]
*- عدم الاحتقار والإذلال والتوبيخ :أيضا على الوالدين تجنب ذلك قدر المستطاع , وألا يحقرا
من شأن ابنهما أو ابنتهما أو يذلانهما أو يوجهان لهما ما يحرجهما
عدم التفرقة فيما بين الإخوة:بحيث يميز أحدهما عن الآخر , فهذا أمر خطير , لا يقف عند حد الكذب بل يتجاوزه إلى أعظم من ذلك كأن يشب الطفل على الحقد والكراهية نحو إخوته , بل لا أغالي إن قلت أنه يؤدي إلى انحرافات خطيرة.
*- عدم دفع الأولاد إلى الكذب وشهادة الزور: كأن يطلب من الولد أن يكذب على أمه وأبيه أو أحد أفراد أسرته.
*- إعطاء حرية التعبير والاختيار: لا بأس أن يسمح للولد أن يعبر ويختار , لكن تحت إشراف ومسمع الوالدين اللذين بدورهما يرشدانه ويوجهانه بكل لطف ولباقة وحنان.
*- إظهار الصواب من الخطإ: على الوالدين أن يقوما بتوجيه رشيد ومحكم نحو أولادهم وذلك بأن يدلوهم على مواطن الصواب والخطإ ويعلموهم فائدة الصواب ومضار الخطإ
*- زرع روح المودة والصدق داخل البيت وخارجه: وهذا بعدم لجوء الوالدين للتفرقة والتمييز بين الأولاد وأن يشركوهم في بعض الأعمال والأقوال التي تناسب سنهم وقدرتهم الجسدية والفكرية , كما يربيان وينبتان فيهم روح التعاون مع الآخرين كإلقاء السلام ومساعدة المحتاجين وعدم الاستهزاء بالفقراء واليتامى والمصابين .
*- عدم اتزان وسلامة العلاقات بين أفراد الأسرة: كأن يكون أفراد الأسرة عبارة عن جماعات من المتشردين , لا تحكمهم أخلاق ولا تنفع فيهم موعظة , مما يفتح المجال لاكتساب صفات ذميمة , وعليه فعلى الوالدين بتوطيد العلاقة الأسرية الحميمة , والحرص على أن يسود البيت جو الإطمئنان والترابط والتلاحم .
*- عدم إدراك الوالدين لحاجات الطفل السيكولوجية والعاطفية المرتبطة بنموه: ومن هذه الحاجات الشعور بالأمن والطمأنينة والتقدير والحب والثقة بالنفس والانتماء وبناء العلاقات الاجتماعية المرضية , أيضا الحاجة إلى العطف والتعليم والتوجيه.
*- انعدام الثقة بالنفس بالآخرين:حيث يبقى الولد كقطعة خشب تتقاذفها الأمواج فيصبح فاقد الثقة في نفسه , بل وحتى في الآخرين سواء أفراد أسرته أو باقي الناس .
*- الخــــــــــوف:عقدة الخوف مرض نفسي إذا ما استبد بالإنسان.
والخلاصة ينبغي دراسة كل مرحلة منفردة , وتقصي الباعث الحقيقي والدافع للكذب , هل هو كذب بقصد حماية النفس خوفا من عقاب ؟... أو أن هذا الكذب يرجع إلى خيال الطفل وأحلام يقظته؟ أو عدم قدرته على التذكر ؟... ومن المهم أيضا أن نتعرف على حقيقة الأمر وعما إذا كان الكذب مرضا أو أنه عادة عند الطفل , وهل هو بقصد الانتقام والتشفي؟ أو بدافع لا شعوري مرضي.؟
أخيرا إني لا أزعم أني وفيت الموضوع حقه بل لا زال الكلام في هذا الشأن يطول , مع تمنياني على الجميع محاولة تطبيق ذلك في ميدان ومعترك الحياة , معتبرين أن الهدف هو الوصول بأبنائنا إلى مستوى أخلاقي إسلامي , والله من وراء القصد.
ابراهيم تايحي